arablog.org

قبل أن تصل “رحلتي مع الحَرف” إلى المنصة !

رحلتي

قبل أن تصل “رحلتي مع الحَرف” إلى المنصة !

قبل أزيد من عقد مضى، ومع قرب غروب شمس القرن العشرين، بدأتُ رحلتي… رحلة بدأت بقلم، قلم بدأ ينثر حبره الأزرق على ورقة، ورقة بدأت وحيدة وسرعان ما أصبحت لها أخوات… ثم جَمعتِ الورقة أخواتها بشريط لاصق فشكَّلن مذكرة، مذكرة بدأت بيضاء ثم ازرق لونها، لون طالما عبر عن سعة الأفق وشساعة المحيط، المحيط الذي أكتب عنه وأدون فيه إبداعاتي، و”إبداعاتي” كان عنوان أول مذكرة جمعتُ فيها الموسم الأول من خربشات قلمي.

كانت بدايتي إذن قلم وأوراق وشريط لاصق يجمع الأوراق كلما كثرت ويلصقها كلما نفذ الحبر من القلم، وكان مطلع كتاباتي قصة قصيرة استعملتها مجموعة من الجمعيات في ألعابها الخارجية، ثم كلمات أناشيد للمخيمات الصيفية، فمسرحية صغيرة تمثل في المناسبات والمهرجانات المحلية.

رحلتي مع الحَرف عرفت توقفات، فحين أعجز عن الكتابة أضع العنوان وأتوقف، وحين تكثر الأفكار أسطر رؤوس الأقلام وأتوقف، وحين أدرك أن كتابة ما ستعذبني أطوي المذكرة وأتوقف، عندما سئل الروائي الفرنسي الشهير مارسيل بروست : “لماذا تكتب؟”، أجاب : “أكتب لأتعذب”، لكني لست مارسيل بروست ولا أحب أن أكون هو ولا أن أشبهه حين يبحث عن الزمن المفقود، فالكتابة عندي ليست ضربا من ضروب العذاب إلا إن لم تجد حروفنا أفواها تقرؤها حينها تتعذب الحروف ويتعذب كاتبها خنقا، فحقًا حروفنا تموت حنقا حين تُكتب وتُنشر ولا تجد آذانا تصغي إليها ولا عقولا تفقه فحواها.

رحلتي مع الحَرف اتسمت بوقفات، فشغفي بالعمل الجمعوي منذ صغري قادني لأجلس على كرسي الكاتب العام لمجموعة من الجمعيات، ما قاد قلمي بدوره إلى التفرغ لكتابة التقارير والإعلانات والإرساليات الرسمية والكلمات الترحيبية في المهرجانات… مسيرتي الجمعوية توجت بعدة ورشات في تقنيات الحكي ومهارات السرد القصصي وفن الإلقاء كما شهدت تمثيلي للجمعيات في عدد من المحافل الوطنية، ومع بزوغ فجر الألفية الثالثة بدأ قلمي بالبزوغ رويدا رويدا، حيث درست السينما لثلاث سنوات، وشدني فيها دور من يَحْبِك الفيلم على الورق قبل أن يُنزله المخرج إلى حلبة أشبه أحيانا بالواقع، فتخصصت في تقنيات كتابة السيناريو السينمائي سنة 2002، كما تميزت السنة ذاتها ببدايتي في مذكرة ثانية عُنون غلافها بـ “حروف مبعثرة”.

وقفة أخرى عرفتها رحلتي حين بدأتُ علاقة خاصة مع المجلات الثقافية من مجرد قارئ إلى كاتب ومشارك في تحرير تلك المجلات، من مجرد باحث عن حل لشبكات الكلمات المتقاطعة والمسهمة إلى صانع لتلك الشبكات ومشارك بها في صحف ونشرات منذ 2005، تلك السنة التي توجت بمذكرة ثالثة حملت بين طياتها “رحيل الكلمات”.

ثم تطورت التجربة وانتقلت للكتابة الاحترافية، وتزامن هذا مع عملي كأستاذ للإعلاميات في عدة مدارس عُليا، كما تزامن مع خوضي لتجربة التدريب في مجال التنمية البشرية، فكنت أحَضر لأحاضر وأدون لأناقش، حتى كتبت شطرا مهما من حياتي وصعوباتها وفرصها وتحدياتها فجمعتها في “قطار العمر” كمذكرة رابعة، ذلك القطار الذي شد سكته نحو الكتابة عن تأملاتي في التكنولوجيا والطبيعة والمحاضرة عن مواضيع مختلفة في تطوير الذات والتدريب عن مهارات الحياة.

شحذت أصابعي وانتقلت للتدوين الالكتروني في أوج انتشار المنتديات بكثرة، فبدأت بتحويل ما خطته أناملي إلى الحاسوب ونشرت بعض الأعمال إلكترونيا إذ مع غياب قوانين تنظم المحتوى الرقمي وتحفظ للكاتب ملكيته، يصعب على المرء نشر كل ما يجول في خاطره.

عمري لم يتجاوز العقدين عندما أنشأتُ أول موقع إلكتروني خاص بكتاباتي وبإبداعات الأصدقاء، كان موقع “الصديق” بدائيا بأدوات تقليدية وصعوبات كثيرة في كل إضافة أو تعديل خصوصا الصور والمرئيات، وحُذف الموقع بعد عامين من خدمة التوطين المجاني. بعد تجارب مماثلة، عرفت سنة 2007 نقلة نوعية حيث أسستُ مجلة “التميز” التي تعتبر أول مجلة إلكترونية مغربية متخصصة في التنمية الذاتية بطاقم عربي متنوع ومتميز ومجال انتشار عالمي واسع، فكانت -كما لا تزال- تجربة مهمة وملتقى لثلة من الأقلام المبدعة والكفاءات العلمية والأدبية في تخصصات شتى، إذ تحولت بعد إصدار العدد العاشر منها إلى مجلة متخصصة في الإعلام الإيجابي.

كوني أحب السفر وأعشق الرحلات منذ صغري، سميت علاقتي بالحَرف رحلة، رحلة حرف قطع أشواطا كما عرف وقفات قبل أن يستوي مركب الحرف رفقة صاحبه على منصة “مدونات عربية”، لأبدأ رحلة متميزة وتجربة جديدة سأحكي بعض فصولها في موضوع منفرد.


Fatal error: Uncaught Exception: 12: REST API is deprecated for versions v2.1 and higher (12) thrown in /home/clients/ed3c6347dbe4ca3a4321eb32fe384a07/arablog/wp-content/plugins/seo-facebook-comments/facebook/base_facebook.php on line 1273