arablog.org

أوراقي القديمة : لازال البحث جاريا…

البحث


مرة أخرى يلقي بجسمه على تلك الأريكة الصماء، تبدو ملامح الحزن بارزة على وجهه، وتجاعيد جبهته تؤكد مؤساته، تعب كثيرا بعدما انتهى من البحث المجهول، ولازال يفكر هل تم منه أم ليس بعد ؟؟

ساعة متأخرة من الليل، مكان بسيط يوحي بالغرفة الدائمة الظلمة، ضوء منبعث من زاوية منفردة، وصمت يكسره مرة بعد أخرى ذوي الانفجارات والقذائف تارة وصوت الاسعاف حين يمر أمام مبنى داره تارة أخرى. لم يكن يعرف هل يكتب ذكرياته اليومية المؤلمة أم يرسم أحلامه المستقبلية المجهولة؟ المهم أن البحث مستمر ولا يعلم متى يتم ؟ كل ما في الأمر أن هوايته البحث حتى أضحى مهنته، بحث غريب !! ليس البحث عن شيء مفقود ولا عن سر مطروز ولا عن عمل دؤوب !! بحث لطالما الأوراق تحاشته من الكتابات، والأحلام لم تعد تطرزه إذ خيطته بخيط الفشل هي الأخرى.

ما يميزه أنه إنسان لا يحب الخسارة ولا يرضى بها، لا يحب المهانة ولا يولي وجهه قبلتها، ربما أن القلم الذي يخط به لم يعد يهتم بما يكتب فيطلق عنان مداده ليس إلا، أما الكلمات والتعابير فتبقى نفسها كل مرة وخلال كل بحث، حتى الوثائق المرافقة لطلباته خجلت تواريخها واحتشمت إمضاءاتها…

مرت الأيام والأعوام، ومرت الدقائق والساعات، لم ينتبه أن كل لحظة تمضي إلا ويمضي معها شطر من عمره ! الصورة المرافقة لخطاباته لم تعد منطبقة معه، المرآة المعلقة على باب الدولاب دائمة السخرية منه، وفي كل لحظة ينظر إليها، تلعب على وجهه كما يحلو لها، فترسمه تارة حزينا وتارة غاضبا وتارة خجولا من نفسه، أما حالة الفرح والبشاشة فلا موقع لها لتجسدها المرآة المشؤومة !!

البحث الدائم وصل أشده إلا أن شمس الأمل لوحت له ونبراس النجاح يلمع من بعيد، رغم البعد إلا أن الصبر قوي والنصر قريب…

هكذا كان السيناريو ذاته يمر عليه دون شؤم، عمل رسمي مع الحكومة، مال وفير في المصرف، ممتلكات من كل ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، أنجال من كلا الجنسين… كل زينة الحياة الدنيا تحوم حوله، لكنها تبقى مسائل شخصية أو عائلية، وبحثه لا يقتصر على الاثنين، وآماله ككل آمال الأناس مثله، إذ أن الشيء الذي يشغل باله لا يباع ولا يشترى…

لازال البحث العجيب جاريا، بحث عن الحقوق والشرعية، بحث عن السعادة والبهجة، بحث عن النصر والحرية… هذا ما كان ينقصه وهذا ما كان يبحث عنه في كل لحظة وفي كل ليلة حتى تستسلم عيناه للنوم والقلم ما يزال في يده…


المغرب، يوم 07 أبريل 2003


Fatal error: Uncaught Exception: 12: REST API is deprecated for versions v2.1 and higher (12) thrown in /home/clients/ed3c6347dbe4ca3a4321eb32fe384a07/arablog/wp-content/plugins/seo-facebook-comments/facebook/base_facebook.php on line 1273